إمتحانات وطنية في مادة الفلسفة الشعب العلمية

وضعية انطلاق لمفهوم العنف (المدخل لدرس العنف) الفلسفة الثانية باكالوريا

 وضعية انطلاق لمفهوم العنف (المدخل لدرس العنف) الفلسفة الثانية باكالوريا

مجزوءة :السياسة

درس : العنف

 


 

نص لعبد الرحمن منيف من روايته "شرق المتوسط"

« هل يمكن أن ترمم إرادة إنسان لم تعد تربطه بالحياة رابطة؟ أنا ذاك الإنسان. لا لست إنسانا، السجن في أيامه الأولى حاول أن يقتل جسدي. لم أكن أتصور أني أحتمل كلما فعلوه، يكن احتملت. كانت إرادتي هي وحدها التي تتلقى الضربات، وتردها نظرات غاضبة وصمتا. وظللت كذلك، لم أرهب، لم أتراجع: الماء البارد، ليكن. التعليق لمدة سبعة أيام، ليكن. التهديد بالقتل والرصاص حولي يتناثر، ليكن. كانت إرادتي هي التي تقاوم. الآن ماذا بقي في أو مني؟ في لحظات الغضب والتحدي أصرخ: يجب أن أفعل  شيئا، وما ذمت فقدت كافة أسلحتي: النظرة الغاضبة، التحدي، الصمت، فلأجرب سلاح الكلمة. لأقل كلمة أخيرة قبل أن أرحل. ولكن الكلمات ... تضيع مني. في الليل، وأنا مفتوح العينين وأنا مغمض العينين، أبذل جهدا أخيرا لكي أحاصرها، لكن إذا جلست إلى الطاولة الملتصقة بالحائط، أشعر أن ليس لذي أية كلمات »

أسئلة بيداغوجية:

1)    ما المضمون الذي تم استيعابه من النص؟

2)    تحدث السجين عن مجموعة من أصناف التعذيب وأشكال مقاومة التعذيب، أذكروا هذه الأصناف وأشكال المقاومة؟

بعد خلخلت مجموعة من التمثلات وطرح العديد من الأسئلة من خلال الحوار الدائر بين التلاميذ عن العنف وأنواع تعذيب السجين السياسي، و لاباس  أن يعبر التلاميذ عن عدم الرضا عن السياسة التي تنهجها الدول الديكتاتورية والمناهضة للحريات، يتم لفت إلى ما جاء في بداية هذه الرواية لعبد الرحمن منيف « قبل ربع قرن، حيث نشرت "شرق المتوسط" لأول مرة، كان يظن أن القمع ورمزه الأقوى السجن السياسي، قد ينحسر بمجرد لفت النظر إليه. الآن وبعد هذه الفترة الطويلة، نكتشف أن القمع امتد واتسع، وأنجب مخلوقا خطرا هو العنف، ولا يعرف ماذا يمكن أن يلذ أيضا إذا استمرت الأحوال هكذا. ألم يحن الوقت لترتفع الأصوات وتتضافر القوى وتتنبه الضمائر من أجل وضع حد لهذا العار الذي يجللنا جميعا؟ إن اليقظة هي بداية النهضة، ولا يقوى على صياغة النهضة إلا بشر أحرار وأسوياء يشعرون أن هذا الوطن لهم »

سؤال: ما هي أشكال العنف الجديدة التي تبدو لنا على شاشات التلفاز التي تنهجها العديد من الدول في العالم الثالث وكذا الدول المتقدمة في تفريق المظاهرات (مثلا)؟ أو أي أشكال العنف الأخرى؟

سؤال: ألا ترون أن الدول قد تنهج هذه الممارسات من أجل حماية المواطنين وتوطيد الاستقرار؟ (إذ أن بعض المتظاهرين قد يلجئون إلى تخريب الملك العمومي، كما أن بعض الصحف تتطاول وتتجاوز بعض الخطوط التي تمس بالدولة، مما يعني بأن هذا العنف مبرر)

مدخل يقدم ليخطه التلاميذ في دفاترهم:

إن مظهر السجن السياسي ليس إلا مظهرا من بين المظاهر الكثيرة للعنف، التي لو بدأنا عدها في لائحة فلعلها لا تنتهي، كما أنه يمارس بأشكال متنوعة. ومن ذلك العنف الجسماني كالقتل والاغتيال، لكن هناك العنف السيكولوجي، مثل التعذيب عن طريق العزل، كما يوجد العنف الاقتصادي من خلال استغلال الطبقات أو البلدان الضعيفة. وإذا كان هذا التعدد لصور العنف وأشكاله قد أشكاله قد أصبح من الأمور التي نصادفها يوميا، سواء من خلال وسائل الإعلام أو في المعيش اليومي لكل واحد منا، إذ أصبح المرء يصادف العديد من السلوكات التي تنطوي على نوع من العنف، من رب العمل للموظفين لديه، ومن التاجر لمساعده، ومن موظفي الإدارات للمواطنين، مما يجعلنا نتساءل لعل هذا العنف من الأمور التي هي من طبيعة الإنسان الحيوانية؟ أو كأنها نوع من إشباع لبعض الغرائز داخل النفس البشرية. كما أن العنف يستخدم للاستحواذ على سلطة من السلط، أو من أجل المحافظة على مصالح الدول، وإن أدى إلى التدمير والتخريب فإن هذا العنف المنجز قد يكون أداة في خدمة مشروع قد لا يكزن عقلانيا، لكن شروط استعماله تبدو قابلة للعقلنة.

         وإذا سلمنا بأن العنف هو كل عمل يضغط به شخص ما على إرادة الغير لسبب أو لآخر وهذا العمل يستوجب القوة والإكراه، مما يعني أنه يوجد كلما كان هناك إلحاق للأذى للغير بصفة جسدية أو نفسية، سواء أخدنا الغير كفرد أو كجماعة أو كمجموعة بشرية. مما يجعل منه ظاهرة معقدة تحكمها عوامل وأسباب مختلفة ومتداخلة. مما حد إلى جعله مشكلا ومفهوما فلسفيا، إلا أن هناك العديد من الميادين والمجالات التي تشارك البحث الفلسفي البحث في هذا المفهوم ومن جوانب مختلفة كعلم النفس وعلم الجرائم وعلم البيولوجيا وعلم الاجتماع.

         ولعل التساؤل الذي قد يبدو عفويا واعتباطيا فيما مضى حول كون العنف له علاقة بإشباع الغرائز وطبيعة الإنسان الحيوانية، قد لا يصبح عفويا ولا اعتباطيا إذا ما اتضح أنه وفي ظل العلوم المرتبطة بتاريخ الإنسانية والانثربولوجيا، قد أثبت أن هذه المظاهر هي متجدرة في حياة الإنسان البدائية، وأن حالة المدينة أو الثقافة هي من بين العوامل التي أدت بالإنسان إلى تحكيم العقل وكبح الغرائز والشهوات المؤدية للعنف.

         كما أن الحالة الراهنة جعلت الدولة، وذلك من خلال القوانين والتنظيمات التي تفرضها تؤدي إلى شرعنة العنف وإعطائه غطاء يمكن من خلاله أن يتسرب هذا العنف، ولكن بكيفية يقبلها المجتمع ويسعى إليها. الأمر الذي يؤدي إلى تقنين هذا العنف وإعطاء حق القيام به إلى جهات مختصة، الأمر الذي من خلاله يكفل للمرء أن حالة الحرية التي يعيشها تحت نظام الدولة يبقى في حدود لا تخرج إلى حالة الفوضى. وهذا ما جعل من أهم الآليات والوسائل التي تحد من العنف الدين والثقافة كعنصرين كابحين للعنف بشكل معنوي وأخلاقي، وكذا التنظيم السياسي للمجتمع من خلال مؤسسات تجتث العنف وتجعل استخدامه حكرا على جهاز الدولة. فإلى أي حد نجحت الدولة الحديثة في القضاء على العنف؟ وهل من حق الفرد أو الجماعة ممارسة العنف من أجل فرض ما يعتقد أنه حق وعدل؟ هذا إلى جانب التساؤل عن مدى مصداقية المؤسسات والهيئات التي كلفة بمهمة البث أو التشريع لمختلف القضايا التي هي المسبب الرئيسي لظاهرة العنف؟

 

تعليقات